طلال أبوغزاله.. من البطانية إلى القمّة: حكاية إرادة لاتلين
طلال أبوغزاله.. من البطانية إلى القمّة: حكاية إرادة لاتلين
دفء المعاناة... وحرارة الطموح
يُقال إن "الانسان القويّ هو من يستخدم معاناته لبناء إرادته"، وإن "الفُرص تولد من رحم المعاناة"، والانسان الذكي هو من يحيل المحن إلى منح، ولا شكّ أن المفكّر العربي الدكتور طلال أبوغزاله يشكّل أنموذجا وحالة فريدة في هذا السياق.
يصرّ الدكتور أبوغزاله في كلّ لقاءاته التي تتطرق إلى مسيرته الشخصية وتستعرض تاريخه العظيم على استحضار أشكال وصور المعاناة التي عايشها في طفولته، ومن ذلك قصة البطانية التي حاكتها والدته لتكون "جاكيت" له في طفولته، واللافت ما ذكره أبوغزاله من كونه يعلّق صورته مرتديا ذلك"الجاكيت" في صدر مكتبه ليطالعها كلّ يوم.
ومن واقع مطالعة سيرة أبوغزاله، يمكننا فهم قيام المفكّر العربي بتعليق تلك الصورة في مكتبه بين عشرات الصور التي جمعته بقادة وكبار شخصيات العالم، فالواضح أن الرجل يعتزّ بوالدته التي ابتكرت حلّا لمشكلة عدم امتلاكه ما يقيه برد الشتاء القاسي فحاكت له ذلك "الجاكيت" من بطانيّة، إلى جانب كون تلك الصورة تذكّره بمعاناته التي عايشها ليحفّز بها إرادته ويحافظ على صلابتها.
ويحمل اعتزاز المفكّر العربي بتلك الصورة الأيقونية رسالة بليغة لكلّ شباب الأمة، فرغم كلّ ما حققه أبوغزاله من مكانة عالمية، ورغم شخصيته الفريدة، إلا أنه يقول للشباب إنهم بحاجة دائما لتحفيز أنفسهم وشحن إرادتهم، وإن "المعاناة" يجب أن تكون حافزهم في تحقيق الانجازات.
كما يشير اعتزاز أبوغزاله بتلك الصورة إلى ضرورة أن يظلّ الانسان يشعر بالسعادة رغم كلّ الظروف التي يمرّ بها، فهو لم يكن ينكر أمام زملائه أن ما يرتديه هو في الأصل "بطانية"، لكنه ظلّ سعيدا لأنه يرتدي "جاكيت" يُشعره بالدفء.
في الحياة، تبرز شخصيات فريدة كنماذج عظيمة ينبغي للمرء أن يقتدي بها، وهذا ليس عيبا على الإطلاق، فكما يرى عالم النفس الكبير ألبرت باندورا؛ الناس لا يتعلّمون من تجاربهم المباشرة فقط بل من خلال "الملاحظة والتقليد" أيضا، والواقع أني لم أقرأ عن شخصية في تاريخنا الحديث أجدر بالاتباع والاقتداء بها كما قرأت وطالعت سيرة الدكتور طلال أبوغزاله.